رامي مخلوف

رامي مخلوف يُدين نفسه بدعم الأجهزة الأمنية والعسكرية

بعد تسعة سنوات من بداية الثورة السورية، ظهر رجل الأعمال رامي مخلوف في تسجيلين مصورين عبر صفحته على فيسبوك، حمل التسجيل الأول استجداء لبشار الأسد من أجل رفع “الظلم الواقع عليه”، فيما حمل التسجيل الثاني المنشور بتاريخ 3 أيار/ مايو 2020 لغة تحدي لبشار وأسماء الأسد، كما حمل التسجيل اعتراف رامي مخلوف بدعمه المباشر للأجهزة الأمنية التابعة للنظام السوري، حيث اعتبر رامي مخلوف نفسه أنه “أكبر داعم لهذه الأجهزة وأكبر راعي وخادم لها”، وجاء كلامه هذا على خلفية قيام الأجهزة الأمنية باعتقال بعض مدراء شركاته المختلفة، وذلك نتيجة صراعه الدائر مع أسماء الأسد، وأضاف مخلوف أن “الوضع صعب وخطر، وفي حال الاستمرار بهذه الحالة فإن وضع البلد سيكون صعباً، كونه يوجد منعطف خطير”، مخاطباً رأس النظام :”أرجوك لا تصدق لهؤلاء، ولا تسمح باعتقال أناس خدموا الجيش والأمن والسوريين بكل أمانة وإخلاص”.

يأتي هذا الاعتراف الضمني مطابقاً لما سبق أن نشرته منظمة مع العدالة ضمن ملف رجل الأعمال رامي مخلوف، حيث سبق للمنظمة أن اعتبرت أن رامي مخلوف شريك أساسي في كافة الانتهاكات التي ارتكبها النظام السوري خلال السنوات الماضية، خصوصاً أنه حول أنشطة “جمعية البستان الخيرية”  منذ بدء الاحتجاجات السلمية في آذار 2011 إلى نشاطات داعمة لجهود النظام في قمع الشعب حيث زود عناصر الجمعية بالمال والسلاح، وساعد النظام على الالتفاف على العقوبات الأوربية والأمريكية المفروضة عليه.

إن هذا الاعتراف في دعم الأجهزة الأمنية، وبالتالي الشراكة معها في كافة الجرائم المرتكبة من قبلها، يمثل إدانة كاملة الأركان نحو محاسبة قانونية لرامي مخلوف وبشار الأسد وغيرهم من قادة تلك الأجهزة التي أوغلت في دماء الشعب السوري على مدار خمسين عاماً مضت، مع التأكيد أن أموال رامي مخلوف والواجهات التجارية – من رجال أعمال – التي يلوذ بها الأسد هرباً من العقوبات الأوربية والأمريكية هي أموال الشعب السوري، الذي يعاني اليوم مرارة تأمين مستلزمات الحياة الأساسية نتيجة سياسات الأسد التدميرية، حيث يوجه الأسد ما تبقى من إمكانيات الدولة نحو استمرار عجلة الحرب وبالتالي المزيد من القتل والتدمير والتهجير.

حمل تسجيلا رامي مخلوف عدّة معاني وعلى عدة جوانب منها الاستجداء تارة والتهديد الصريح تارة أخرى والتهديد المبطن في كثير من الاحيان، كما أنه وجهّ كلامه لبشار الأسد تارة وللطائفة العلوية بشكل مبطن تارة أخرى، حيث أظهر هذان التسجيلان مدى خطورة الوضع ما بين الشريكين والقريبين رامي مخلوف وبشار الأسد، خصوصاً أن رامي قال أن المطلوب منه هو “التنازل عن شركاته وتنفيذ الأوامر وهو مغمض العينين”، وهو ما يرفضه لأنه “مؤتمن” على هذه الشركات، وردد رامي مخلوف في كلامه مصطلح “الآخرين”، “الناس”، “هؤلاء”، في إشارة ضمنية لأسماء الأسد وأقربائها.

كما وجه رامي مخلوف كلامه أيضاً لأبناء الطائفة العلوية – بشكل مبطن – بأن هناك خطرا يتهدد الأموال التي ينفق عليهم منها، كما يشير مكان التصوير وطريقة التسجيل إلى رسائل أخرى موجهة للجميع، حيث أن جلوسه على الأرض ومن خلفه مجموعة من الحطب المخصص للحرق أراد منه أن يقول أنه مستعد لأن يحرق كل شيء ويعود هو والأسد ومن معهم للجلوس على الأرض، وهو قادر على ذلك نتيجة تغوله في مفاصل الدولة السورية واطلاعه على الكثير من أسرارها بحكم علاقاته المتشعبة، بالإضافة إلى ذلك تشير طريقة إظهار جدار المنزل خلفه بأنه مدعوم من أولئك الذين سبق أن “أحسن إليهم” من أبناء طائفته.

ولم يفوّت مخلوف الفرصة بأن يتحدث بالجانب الإيماني وبأن ما يحدث هو اختبار من الله
عز وجل له، وبأنه مستعد لهذا الاختبار، بالإضافة لذكره جزءً من الآية رقم /44/ الواردة في سورة المائدة “لا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ” في إظهاره للغة تحدي عالية المقام لبشار وأسماء الأسد، خصوصاً أن الآية رقم /45/ التي تليها ورد فيها “وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنفَ بِالْأَنفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ”، ولكن يبدو أن رامي مخلوف فوت بداية الآية /42/ “سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ”.

بشكل عام إن هذه الخطوات التي يقوم بها بشار الأسد ضد رامي مخلوف غير مسبوقة ولا يُستبعد أن تلحقها خطوات أخرى بحق رجال الأعمال الآخرين الموالين للأسد، وإن اختيار رامي مخلوف هو رسالة بحد ذاتها بأنه لا يوجد أحد محصن، خصوصاً أنه لا يوجد أحد في مناطق سيطرة النظام حتى قبل أسبوع من الآن، كان يجرؤ على انتقاد رامي مخلوف أو الإشارة له ولو تلميحاً أو تصريحاً، كما أن هذه الخطوات تشير لمدى عمق الأزمة المالية التي يعاني منها نظام الأسد ويكشف حجم الضغوط القائمة على نظامه.

يدرك اليوم عدد لا بأس به من السوريين ممن وقف في صف النظام، أحد الأسباب (الفساد) التي جعلت أولئك الآخرين يثورون على النظام ويحاولون اجتثاثه، ولماذا هم مستمرون حتى اليوم بالرغم من كمية الاجرام الأسدي بحقهم، وهو اجرام متعدد الأوجه والجوانب، اجرام دموي وآخر اقتصادي وآخر ثقافي وتعليمي واجتماعي، وبالتالي لا يجب محاسبة أولئك المجرمين المباشرين من العسكريين ومن معهم، بل لا بد أن تطال المحاسبة أولئك الذين ساهموا في افقار الشعب السوري وسرقة ثرواته على مدار خمسة عقود من الزمن، ولا يجب الاعتقاد يوماً أن المجرم القاتل أقل جرماً من المجرم السارق.

يأتي أيضاً الزمن لأن يقوم رامي مخلوف بتذكير بشار الأسد بأن الأجهزة الأمنية تتعدى على الحريات وعلى الملكيات الخاصة، وبأن الأسد حامي الدستور، في حين لم يخطر له أن يذكره بذلك خلال السنوات التسعة الماضية التي ارتكب بها الأسد مع زمرته المجرمة ورامي مخلوف منهم، أبشع الجرائم بحق أبناء الشعب السوري منتهكاً ومن معه الدستور الذي وضعه بعام 2012 سطراً وراء آخر وكلمة وراء أخرى.

 

تفاصيل أكثر عن رامي مخلوف.. اضغط هنا